قميص العُلا: هندسة الطبيعة وفلسفة تتجاوز الملعب
لا يزال قميص نادي العُلا الجديد يحتل موقع الاهتمام بين متابعي الكرة السعودية هذا الموسم، ليس لكونه طقمًا رياضيًا فقط، بل لأنه عمل تصميمي يحمل رؤية تربط بين هوية المكان وتطلعات الفريق.
لغة التصميم: المعنى قبل الزخرفة
من النظرة الأولى يتضح أن القميص صُمّم ليكون أكثر من زيّ، فهو وسيلة بصرية لتحويل عناصر جغرافية وثقافية عميقة إلى رسائل يرتديها اللاعبون في كل مباراة. المقاربة تضع المعنى والهوية في قلب التفاصيل بدلاً من الاكتفاء بالزخرفة السطحية.
نقشة النمر العربي: رمزية القوة والمرونة
تبرز في التصميم نقشة النمر العربي المستوحاة من شعار النادي، والتي جاءت كعنصر ناعم لكنه فعّال بصريًا، يعبر عن القوة والجرأة والمرونة التي يسعى الفريق لترجمتها على أرض الملعب. تلك النقشة ليست مجرد تأثير زخرفي، بل رمز مرتبط بهوية النادي وقيمه.
هندسة الطبيعة وبصمة حضارية
يقدّم القميص قراءة بصرية لتكوينات الجبال والصخور في العُلا عبر خطوط وتموّجات خفيفة تمنح السطح عمقًا يماثل التضاريس. التفاصيل الدقيقة تجعل القميص يبدو كأنه نَسْج من البيئة نفسها، لا تصميمًا رقميًا محضًا.
إضافة الأحرف الدادانية جاءت كتوقيع ثقافي خافت يضيف روحًا تاريخية دون أن يطغى على العناصر البصرية الأخرى. وجود هذه الأحرف يعكس احترامًا لحضارة عريقة، ويحوّل القميص إلى رابط بين اللاعب والمكان قبل أن يكون قطعة ملابس رياضية.
اختيار الألوان كان مدروسًا وفقًا للطابع العام للتصميم؛ الأزرق للطقم الأساسي يجمع بين الحداثة ورمز السماء وعمق الوديان، بينما يقدم الأبيض للطقم الاحتياطي مظهرًا أنيقًا وبسيطًا يتيح للعناصر الجمالية الأخرى البروز دون ضجيج. النتيجة قميصان مختلفان في الإحساس لكنهما يرويان قصة واحدة.
في النهاية، جمال قميص العُلا لا يكمن في إرضاء الذوق العام فحسب، بل في كونه بناءً بصريًا يحمل هوية واضحة ويحوّل الرموز التاريخية والجغرافية إلى جزء من سرد النادي الحديث. إنه نموذج يوضح كيف يمكن لقميص كرة القدم أن يصبح عملاً فنيًا ذا مغزى يتجاوز حدود الملعب.




