2024-2025…موسم الأبطال الجدد وكسر احتكار المجد

في قارة تعودت على سطوة الكبار، جاء موسم 2024-2025 ليكسر العادة ويكتب ما يشبه الانقلاب في هوية الأبطال. لم تعد الألقاب حكرًا على ريال مدريد أو بايرن ميونخ، ولا على ليفربول أو برشلونة. كرة القدم الأوروبية قررت أن تمنح الضوء لمن انتظره طويلًا، وتكافئ أولئك الذين زرعوا الأمل في أرضٍ لا تُثمر عادةً إلا للكبار.
باريس سان جيرمان… حين يحين وقت القصاص من التاريخ
أن تُتوج بدوري أبطال أوروبا هو أمر عظيم. لكن أن تفعلها بعد سنوات من السخرية والخيبات والشكوك… فذلك يصبح انتقامًا من الماضي. باريس سان جيرمان لم يفز فقط على إنتر ميلان في نهائي الأبطال، بل مزّق كل الأحكام المسبقة بخماسيةٍ لا تُغتفر. النادي الباريسي الذي طالما وُصف بأنه “مشروع مال لا مجد”، ردّ على الجميع بأسلوب أنيق، جماعي، وذكي.
لويس إنريكي، بهدوءه المعتاد، صنع فريقًا لا يحتاج إلى نجوم العناوين بل إلى رجال المواقف. ومن ديزيري دويه إلى كفاراتسخيليا، ومن حكيمي إلى فيتنيا، باتت باريس مدينة تعرف كيف تُكتب الفصول الأخيرة من الحكاية، لا مجرد بداياتها.
تشيلسي وتوتنهام… لندن تغيّر لهجتها القارية
مدينة الضباب خرجت هذا الموسم من عباءة المظلومية الأوروبية. تشيلسي، الذي جرّب المجد من قبل، عاد ليكمل مجموعته القارية بلقب دوري المؤتمر الأوروبي، ويدخل نادي “الفائزين بكل شيء”. لكنه لم يكن وحده في المشهد. توتنهام، ذلك الفريق الذي لطالما عانى من عقدة النهايات، وجد طريقه أخيرًا إلى منصة الدوري الأوروبي، منتصرًا على مانشستر يونايتد، وكأن الكرة أنصفت أكثر من مجرد فريق… أنصفت جمهورًا لم يفقد الأمل أبدًا.
أندية الظل تخرج للنور
لكن التحوّل لم يقتصر على باريس أو لندن. إنه تحول بنيوي في كرة القدم الأوروبية. كريستال بالاس تُوّج أخيرًا، نيوكاسل نبش تاريخه بعد 70 عامًا من الصمت، بولونيا كتب عودة خرافية بعد 51 عامًا من الغياب، وأبردين الإسكتلندي عاد من سباتٍ دام ربع قرن.
هذه ليست مجرّد ألقاب… هذه ثورات هادئة، انتفاضات ناعمة على احتكار النخبة. وما يلفت الأنظار أن معظم هذه الأندية لم تفعل ذلك بالصفقات الخرافية، بل بمنظومة عمل، بفلسفة، وبإيمان.
موسم لتغيير البوصلة
ما الذي حدث في أوروبا؟ ببساطة: الفجوة بدأت تضيق. الأندية التي كانت تُصارع على البقاء، أصبحت تقاتل من أجل الكؤوس. لم تعد المعادلة مرهونة فقط بالأموال، بل بالتخطيط والاستمرارية والمواهب. وإذا كان باريس هو العنوان العريض لهذا الموسم، فإن كلمته المفتاحية كانت:
التحول. تحوّل في العقلية. تحوّل في أسلوب اللعب. تحوّل في هوية المنافسة.
موسم 2024-2025 لا يمكن اختزاله في النتائج فقط. هناك شيء تغيّر في نبض اللعبة. أوروبا فتحت صدرها لوجوه جديدة، وسمحت بكتابة فصولٍ غير مألوفة. حين تُفتح أبواب المجد لغير المعتادين على دخوله، وحين تكتب البطولات أسماءً جديدة، نفهم أن كرة القدم ما زالت قادرة على الإنصاف… وما زال هناك متسع لحلمٍ يتحقق بعد طول انتظار.