هل يصلح نور الدين بن زكري لقيادة الأخضر؟
ابن زكري اسم يثير الجدل في الكرة السعودية بين فترة وأخرى، وهذه المرة تصاعدت الأصوات بعد حديثه عن إمكانية توليه تدريب المنتخب السعودي خلفًا لهيرفي رينارد. اعتبرت تصريحات المدرب الجزائري محاولة ترويج لنفسه لدى الأندية والمنتخبات الخليجية، ما أثار ردود فعل حادة من إعلاميين سعوديين طالبوا بوقف ما وصفوه بالمزايدة على مكانة المنتخب.
حقيقة “الكولسة” وسياسة اتحاد الكرة في الاختيار
مصطلح “الكولسة” الذي استخدمه ابن زكري يصف عمليًا استبعاد اسم مدرب من الترشيحات لأسباب غير معلنة. لكن لا توجد دلائل أو تسريبات تشير إلى وجود مؤامرة أو أغراض مخفية وراء عدم إسناد مهمة الأخضر لابن زكري سابقًا. اتحاد الكرة السعودي اعتمد في السنوات الأخيرة على نهجين واضحين: إما التعاقد مع اسم عالمي بارز كما حدث مع روبرتو مانشيني، أو اختيار مدرب متمرس في العمل مع المنتخبات وعلى دراية بالبيئة السعودية كما كان هيرفي رينارد.
بن زكري لا يملك سابقة عمل مع المنتخبات ولا الاسم العالمي الكبير الذي يؤهله فورًا لقيادة منتخب بحجم السعودية. كما أن هناك أسماء أخرى قد تبدو أسبق خبرة أو تأثيرًا في السياق السعودي لو نُظر إلى ترشيحات بديلة.
لا يمكن الحكم مسبقًا: جوارديولا وسكالوني نموذجان
لا يعني غياب السجل الكبير في المنتخبات أو الأندية الكبرى استحالة النجاح. أمثلة بيب جوارديولا وليونيل سكالوني تُثبت أن رهانات الأندية والاتحادات على مدربين أقل شهرة آنذاك قد تصنع نجاحات كبرى لاحقًا. جوارديولا عُين في برشلونة رغم خبرة تدريبية محدودة وحقق إنجازات استثنائية، وسكالوني تحول من مدرب فئات إلى بطل عالم مع الأرجنتين.
بالتالي، ليس من الإنصاف استبعاد أي مدرب قبل منحه فرصة عملية، شرط توفر توافق بين فلسفته وبيئة المنتخب والأهداف المرجوة.
نقاط القوة والضعف في أسلوب بن زكري
من مميزات ابن زكري قدرته على تحفيز اللاعبين وجانب التنظيم الدفاعي؛ فهو معروف بإغلاق المساحات واعتماد فلسفة مبنية على عدم استقبال الأهداف ثم الاعتماد على أخطاء الخصم. هذان العنصران قد يساعدان المنتخب السعودي في معالجة بعض المشكلات النفسية والدفاعية الحالية.
مع ذلك، تكمن حدود قدرته في الجانب الهجومي وأسلوب اللعب الاستحواذي؛ إذ من غير المتوقع أن يقدم الأخضر أداء هجوميًا جميلاً أو يعوض عجزًا واضحًا في الإنتاج الهجومي بمجرد التعاقد معه. لذا يجب أن تكون التوقعات متوازنة وتعتمد على أهداف واقعية من تعاقد محتمل.
وخلال مسيرته في السعودية، ثبت أن بن زكري قادر على إنقاذ فرق من مواقف صعبة وبناء مردود تنافسي مع أندية وسط وقاع الترتيب، فعلى سبيل المثال:
* الرائد (2013-2014): سجل حضورًا مميزًا وفاز أمام الهلال في الرياض.
* الفيحاء (2019): تسلم الفريق قبل 12 جولة وأنقذه من الهبوط.
* ضمك (2019-2021): قاد ريمونتادا تاريخية لبقاء الفريق في الدوري.
* الأخدود (2024): أنقذ الفريق من الهبوط في الجولات الحاسمة.
* الخلود (2024-2025): قاد الفريق الصاعد لتحقيق 40 نقطة، رقم لافت لفريق صاعد.
خلاصة القول، بن زكري أثبت قدرته على النجاح في ظروف صعبة داخل السعودية، ومن غير المنطقي منعه مسبقًا من مجرد التفكير في قيادة المنتخب، حتى لو كانت فرص نجاحه على الورق أقل من مرشحين آخرين.
في النهاية، الطرح المهني يجب أن يبقى داخل الإطار الرياضي بعيدًا عن التهويل أو التقليل من قيمة أي طرف؛ وقرار اختيار مدرب المنتخب يجب أن يستند إلى توافق فني واضح بين رؤية المدرب وإمكانات الفريق والأهداف التي يضعها اتحاد الكرة.




