ذكريات ميسي: لحظة خالد في تاريخ المونديال
يحتفل اليوم الخميس بذكرى فوز المنتخب الأرجنتيني بكأس العالم 2022، والذي يعد إنجازًا يتجاوز كونه لقبًا رياضيًا، بل يكرس لحظة فارقة في تاريخ الرياضة العالمية.
في الثامن عشر من ديسمبر 2022، على أرض ملعب لوسيل في قطر، عاش عشاق كرة القدم واحدة من أعظم لياليها، حيث توّج ليونيل ميسي ورفاقه بلقب الكأس الأغلى بعد مباراة نهائية مثيرة ضد فرنسا، اعتبرها الكثيرون من أفضل المواجهات في تاريخ المونديال.
بعد مرور ثلاث سنوات، لا يزال صدى تلك الليلة حاضرًا في ذاكرة الجماهير، وما زالت تفاصيلها تُستعاد بوصفها ملحمة رياضية متكاملة.
## إكتمال الأسطورة
كانت تتويج الأرجنتين عام 2022 بمثابة النهاية المثالية لمشوار ليونيل ميسي الدولي. فاللاعب الذي حطم جميع الأرقام القياسية وحصد كل الألقاب على مستوى الأندية، ظل لقب كأس العالم هو الحلقة المفقودة في مسيرته.
في قطر، لم يكتف ميسي برفع الكأس، بل قدم بطولة استثنائية تمثل القيادة والتأثير، حيث سجل أهدافًا حاسمة وكان له دورًا فاعلًا في كل مرحلة.
سجل ميسي 7 أهداف وقدّم 3 تمريرات حاسمة، مما قاده إلى أول تتويج له بالمونديال وللأرجنتين للمرة الثالثة في تاريخها.
ومع نهاية المباراة، بدا وكأن تلك اللحظة تمثل إكمال أسطورة لاعب سيظل اسمه نقشًا في تاريخ اللعبة الخالدة.
على الرغم من توقع اعتزال ميسي دوليًا بعد تحقيقه اللقب في 2022، إلا أنه قرر المواصلة وخوض تحدٍ جديد في مونديال 2026 الصيف المقبل في الولايات المتحدة والمكسيك وكندا.
## من العثرة إلى القمة
لم يكن مسار الأرجنتين في كأس العالم معبدًا للنجاحات. فقد شهدت البداية الصادمة بالخسارة أمام السعودية (2-1) في دور المجموعات، مما فرض ضغطًا هائلًا على المنتخب وفتح باب الشكوك.
وسمعنا الهتاف الشهير من الجماهير السعودية “ميسي وينه.. كسرنا عينه”، مما جعل مهمة راقصي التانغو تبدو أصعب في الأراضي القطرية.
لكن تلك الهزيمة أصبحت نقطة انطلاق جديدة، إذ أعاد المدرب ليونيل سكالوني ترتيب الأوراق واستعاد الفريق توازنه تدريجيًا.
بتوالي الانتصارات، وأدائهم الجماعي المنضبط، وروحهم القتالية العالية، قاد رفاق ميسي للحصول على انتصارات متتالية ضد المكسيك (2-0) وبولندا (2-0)، ثم إقصاء أستراليا (2-1) وهولندا بركلات الترجيح وكرواتيا (3-0)، وصولًا إلى النهائي الكبير ضد فرنسا.
## 120 دقيقة من الدراما
لقد اختصر النهائي ضد فرنسا كل معاني الإثارة والدراما. تقدمت الأرجنتين بهدفين نظيفين، قبل أن تستعيد فرنسا توازنها في الدقائق الأخيرة لتصبح النتيجة 2-2.
تكرر نفس السيناريو في الأشواط الإضافية حيث تقدمت الأرجنتين مرة أخرى بهدف، ولكن كيليان مبابي أدرك التعادل مجددًا ليحقق هاتريك تاريخي.
توترت الأعصاب، وأصبحت لحظات تحمل أنفاس العالم في تلك الدقيقة حتى حُسم اللقب بركلات الترجيح لصالح الأرجنتين.
في تلك اللحظة، انفجرت المشاعر ودمعت عيون ميسي من الفرحة، كما بكت الأمة الكروية التي انتظرت هذا اليوم منذ 36 عامًا.
كما انتظر ميسي هذه اللحظة طويلاً، ولكنها لم تأتِ في أي من البطولات السابقة بدءًا من 2006، رغم قربها في 2014، لكن ألمانيا كانت لها الكلمة الأخيرة.
لكن الكأس الذهبية ابتسمت أخيرًا لأحد أعظم اللاعبين في تاريخ كرة القدم، ليصعد إلى المنصة مرتديًا “البشت القطري” ويحملها أخيرًا، في لحظة تاريخية ستظل راسخة في أذهان عشاقه في شتى أنحاء العالم.
## جيل من الأبطال
لا يمكن الحديث عن إنجاز 2022 دون الإشادة بالمدير الفني ليونيل سكالوني، المدرب الشاب الذي قاد فريقًا متجانسًا من اللاعبين، حيث جمع بين الخبرة والشباب ومنح الثقة لأسماء بارزة مثل أنخيل دي ماريا والحارس إيميليانو مارتينيز وأليكسيس ماك أليستر وجوليان ألفاريز.
هذا الجيل لم يحقق فقط كأس العالم، بل أسس لمرحلة جديدة من الاستقرار مع هوية واضحة للمنتخب الأرجنتيني.
## مجد لا يبهت
بعد مرور ثلاث سنوات، لم يفقد هذا الإنجاز بريقه. فهو لا يزال يُستشهد به في النقاشات الكروية وتعرض لقطاته في المناسبات الكبرى، ويُذكر كنموذج للإصرار والثقة بالنفس.
بالنسبة للأرجنتين، كانت البطولة أكثر من مجرد فوز رياضي؛ بل كانت استعادة للثقة الوطنية، وإثباتًا على أن كرة القدم تظل لغة الفرح الأولى للشعب.
في الذكرى الثالثة، تظل ملحمة مونديال 2022 شاهدًا على قدرة الرياضة في صناعة التاريخ وتوحيد المشاعر، وسيبقى اسم ليونيل ميسي مرتبطًا بتلك الليلة الخالدة، كقائد قاد حلم أمة حتى النهاية السعيدة. ذكرى تتجدد، ومجد لا يبهت، وحكاية ستُنقل عبر الأجيال القادمة.




