مونديال 2026: تذاكر باهظة وتهديد لروح البطولة
قبل أقل من عام على انطلاق كأس العالم 2026 في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، اجتاحت الصحافة وشبكات التواصل موجة من الغضب بعد إعلان أسعار التذاكر الجديدة، التي سجلت أرقامًا هي الأعلى في تاريخ البطولة.
قفزات الأسعار وتفاصيلها
القفزات لم تكن طفيفة: تذكرة المباراة الافتتاحية التي كانت تُباع في قطر بفئة أولى بسعر 618 دولارًا ارتفعت إلى 2735 دولارًا في نسخة أمريكا الشمالية — أكثر من أربعة أضعاف. أما النهائي فشهد الزيادة الأكبر، من 1607 دولارات في 2022 إلى نحو 6370 دولارًا في 2026، أي ارتفاعًا يقترب من 400%.
وليس صُناع القرار وحدهم من تأثروا؛ الفئات الشعبية أيضًا شهدت زيادات كبيرة. الفئة الرابعة التي تراوحت أسعارها في قطر بين 11 و82 دولارًا أصبحت في أمريكا الشمالية تبدأ من 100 دولار وقد تصل إلى 560 دولارًا، وهو مبلغ كان يكفي في النسخة السابقة لحضور معظم مباريات دور المجموعات.
وفي أدوار خروج المغلوب تضاعفت الصدمات: فئة المباراة في دور الـ16 قفزت من 275 إلى 890 دولارًا، وربع النهائي من 426 إلى 1690 دولارًا، ونصف النهائي من 956 إلى نحو 2780 دولارًا. حتى مباراة تحديد المركز الثالث ارتفعت من 426 إلى حوالي 1000 دولار.
التكاليف اللوجستية وتأثيرها على المشجعين
ارتفاع أسعار التذاكر هو نصف المعادلة فقط. تنظيم البطولة على مدى ثلاث دول شاسعة، من كندا شمالًا إلى المكسيك جنوبًا، يعني أن التنقل بين المدن سيصبح غالبًا جواً. تكلفة الرحلات الداخلية في الولايات المتحدة تتراوح عادة بين 400 و700 دولار للاتجاه الواحد، ومع احتساب الإقامة والمواصلات والضرائب قد تصل فاتورة حضور المشجع لعدة مباريات إلى ما بين 10 و15 ألف دولار للفرد — رقم بعيد عن متناول غالبية عشاق كرة القدم.
في قطر كان المشجع قادرًا على حضور مباراتين أو ثلاث في اليوم نفسه بفضل تقارب الملاعب وشبكات نقل عام ومنصات مجانية، أما في 2026 فالجماهير قد تُجبر على اختيار متابعة منتخبهم في دولة واحدة فقط أو تحمل تكاليف باهظة للتنقل بين ثلاث دول.
هل يفقد المونديال روحه الشعبية؟
الفيفا برر الزيادات بارتفاع تكاليف التنظيم، وزيادة عدد المنتخبات إلى 48، وقوة السوق الأمريكي. لكن المحللين والجماهير يرون أن هذه المبررات لا تبرر الحجم الكبير للقفزات، ويخشون أن يصبح الربح المالي أولوية على حساب التجربة الجماهيرية.
النتيجة المحتملة أن المدرجات قد تمتلئ أكثر برجال أعمال وسياح أثرياء، في حين يتضاءل حضور المشجع الشعبي الذي منح مونديالات سحرها — الهتافات، الطبول، الألوان المحلية والاحتفالات الحقيقية. هذا التحول يهدد جوهر البطولة كمساحة عامة ومتاحة للجماهير العادية.
مع اقتراب صيف 2026 يبقى السؤال المركزي: هل ستبقى كرة القدم «لعبة الجماهير البسيطة» أم تصبح منتجًا فاخرًا محصورًا بمن يستطيعون تحمل تكلفته؟ حين يصبح أرخص مقعد في المدرج أغلى من راتب شهر لعشاق اللعبة، يبدو أن حلم الملايين في الحضور على أرض الواقع يتراجع أمام منطق المال.




