أزمة الأزوري: كيف تراجع بطل العالم أربع مرات؟
من انتصار برلين إلى إخفاقات متكررة، تمضي قصة المنتخب الإيطالي بين لحظات المجد والغياب المدوّي عن أكبر المحافل الدولية.
من ذروة 2006 إلى انهيارات متكررة
مر أكثر من عقد على اللحظة الفاصلة التي شهدت خروج إيطاليا من دور المجموعات في كأس العالم بالبرازيل، بعدما سجّل دييغو جودين هدفه الحاسم. منذ ذلك الحين تتابعت الخيبات: الفشل في التأهل لنهائيات 2018 بعد الهزيمة أمام السويد في 2017، ثم عدم التأهل إلى مونديال 2022 عقب مفاجأة مقدونيا الشمالية. وبين هاتين النقطتين المظلمتين، جاء تتويج مانشيني بلقب أوروبا 2021 كاستثناء براق لم يمدّ مسيرة الأزوري بديمومة النجاح.
أسباب الأزمة: بنية قديمة ونموذج إداري فاشل
الأزمة ليست مجرد تراكم نتائج سلبية، بل ترتبط بمشكلات هيكلية عميقة. الدوري الإيطالي عانى من فشل في تحديث البنية التحتية والملاعب، من ضعف الاستثمار في أكاديميات الشباب، ومن تبنّي سياسات قصيرة الأمد في الإنفاق بدلاً من بناء استدامة طويلة. قرار بوسمان وتدفق اللاعبين الأجانب غيّر شكل الأكاديميات، بينما تراجع الاهتمام بتطوير لاعبين محليين تحت ضغط الفوز الفوري.
على مستوى الأندية، ساهمت ثغرات في الرؤية التجارية واستغلال عائدات البث في إضعاف قدرة الأندية على المنافسة طويلة الأمد مقارنة بالدوريات التي تطورت لتصبح مؤسسات ترفيهية واستثمارية متكاملة.
نقص المواهب المحلية وصعود لاعبين تكيفوا بالخارج
ظهور لاعبين مثل دوناروما وفيراتي وجورجينيو، الذين تطوروا محترفين خارج إيطاليا أو اكتسبوا خبرات مهمة مع أنديتهم الأجنبية، يكشف عن فشل محلي في إنتاج أجيالٍ جديدة قادرة على حمل الراية. الكثير من المواهب الشابة انتهى بها المطاف في دوري الدرجة الثانية أو بالكفاح من أجل دقائق لعب، أو الهجرة لاكتساب فرصة النمو.
رغم ذلك، تظهر أمثلة واعدة مثل فرانشيسكو بيو إسبوزيتو، وجيوفاني ليوني، وفرانشيسكو كاماردا كملامح لمستقبل قابل للبناء عليه، لكنهم حالياً استثناءات أكثر من كونهم دلائل على تحول جذري في الثقافة التطويرية.
التحديات الحديثة والآفاق
المدربون تبدّلت أوضاعهم تحت ضغط النتائج، ومطالب الإصلاح الإداري والمالي تتصاعد مع الحاجة الماسة لقوانين حديثة للملاعب وتنمية الأندية قبل استحقاقات كبرى مثل يورو 2032. استمرار الفشل في الإصلاحات قد يقود إلى أزمة ثقة أوسع في منظومة الكرة الإيطالية، بينما تمثل إعادة الاستثمار في الشبان وتحديث البنية التحتية الطريق الوحيد لاستعادة موقع الأزوري بين النخبة.
اللحظة الراهنة تمثل اختباراً حقيقياً لقدرة إيطاليا على تحويل إرثها الكروي إلى مشروع مستدام يقودها مجدداً إلى منصات التتويج العالمية.




