بروميس ديفيد: من كفاح طويل إلى انطلاقة مبكرة
ماذا عن خطة الخمس سنوات؟ بالنسبة لبروميس ديفيد، تحققت في عام ونصف فقط. المهاجم الكندي-النيجيري البالغ من العمر 24 عامًا تحول من رحالة كروي مرير إلى أحد الوجوه البارزة في يونيون سان جيلواز بعد مسيرة مليئة بالتحديات والإصرار.
من لاغوس إلى أوروبا: بداية مختلطة
ولد ديفيد في كندا لكنه اكتشف شغفه بكرة القدم خلال طفولته في لاجوس مع جده وذكريات متواضعة عن مشاهدة مباريات تشيلسي. عاد إلى كندا ثم انطلق في مسيرته الاحترافية مبكرًا، ومر بتجارب صعبة في أنديّة شباب وعدّة دول. تم اكتشافه في أكاديمية تورونتو لكنه أُجبر على الرحيل في سن الخامسة عشرة لعدم كفاية المستوى آنذاك، ثم أمضى سنوات مع فرق شبه محترفة قبل أن يحصل على فرصة في كرواتيا مع NK Trnje.
لم تكن تجربة كرواتيا سهلة؛ واجه هناك تمييزًا عنصريًا من مدرّب الفريق الذي عانى من تحامل واضح، ما ترك أثرًا مؤلمًا على ديفيد. بعدها تابع التنقّل بين الولايات المتحدة ومالطا، حيث مرّ بلحظات محبطة مثل خسارة نهائي كأس ومرات بكى فيها من ألم إخفاقات الكرة. بحلول سن الحادية والعشرين بدا مسار الاحتراف بعيدًا، حتى ضغطت الظروف على والديه لطلب عودته إلى المنزل.
الاستمرار والإصرار في إستونيا
رفض ديفيد الاستسلام وطلب فرصة أخيرة، فحصل عليها في نادي كالجو الإستوني. هناك وضع خطة واضحة: خمس سنوات من العمل الجاد، تسجيل العديد من الأهداف للانتقال إلى دوري إسكندنافي ثم الوصول إلى المنتخب والمشاركة في كأس العالم. رغم المعاناة الأولية ووصفه بأنه “مشروع”، أثبت نفسه بتسجيل أهداف كثيرة وصعد إلى الفريق الأول، حيث انفجر في موسمه الحاسم بتسجيل 14 هدفًا في 16 مباراة.
التجربة في إستونيا أعادته إلى دائرة الضوء وجعلته مطلوبًا، وفي النهاية اتفق نادي كالجو مع يونيون سان جيلواز ليبدأ فصلًا جديدًا في بلجيكا.
الهدف الذي لا يُنسى ورمز الإصرار
في مواجهة رويال أنتويرب، شهد الجمهور هدفًا يرتبط بقوة إبراهيمية ودافع عن شخصيته داخل الملعب: أثناء انطلاقة خاطفة تمسكت به قميصًا حتى تمزق تمامًا، وواصل ديفيد طريقه وسجل هدفًا مهيبًا عُرض على وسائل التواصل بسرعة ليصبح رمزًا للمرونة والعزيمة داخل ناديه. القميص الممزق عُرض في منشأة التدريب بوصفه رمزًا للقوة وعدم الاستسلام.
خارج الملعب يحكي ديفيد عن ألم جسدي حقيقي أثناء تلك اللحظة، لكنه يصف أيضًا الشعور بالانتصار والرد على المشككين الذين وصفوه سابقًا بـ”النقل المهدر” بعد مباراة واحدة فقط مع النادي البلجيكي. الرد العملي جاء بأرقامٍ تتحدث: موسماً لافتًا تضمن 17 هدفًا وخمس تمريرات حاسمة أكدت أن الانتقادات الأولى كانت مبالغًا فيها.
ديفيد لعب ثماني مرات مع منتخب كندا وشارك في فترات شبابية مع نيجيريا، ويواصل إثبات جدارته دوليًا مع أداء ثابت في المسابقات الأوروبية. أهدافه أمام فرق بحجم أياكس وآيندهوفن وجالطة سراي عززت سمعته كلاعب قوي جسديًا وسريع ومؤثر في المباريات الكبرى.
رغم ذلك، يبقى هناك جدل حول أسلوبه؛ فديفيد قد يبدو أحيانًا خامًا أو غير دقيق في أداءه، ما يجعل المستكشفين يتساءلون عن استمراريته. لكنه يمتلك قدرة نادرة على تسجيل الأهداف من مواقف متباينة، وهي ميزة تجعل مدربه يتغاضى عن بعض الهفوات لأن العدّاد لا يتوقف عن تسجيل الأهداف.
اليوم، وبعد رحلة طويلة من الفشل والاضطهاد والعودة، يصر ديفيد أن خطته نجحت أسرع مما توقع: هدفه الأسمى الذي صممه لخمس سنوات تحقق في نحو 18 شهرًا، ما يجعل مسيرته مثالًا على الإصرار والتضحية والقدرة على تحويل الانتكاسات إلى انطلاقة حقيقية.




